يكاد يكون الحديث عن التلوث البيئي في موريتانيا من المحرمات ر غم وجود العديد من الدلائل التي لا تقبل الشك على وجوده لكن الشركات العالمية
العابرة للقارات التي تعمل في مجال استخراج المعادن في البلاد والتي جندت الكثير من الوسائل لإسكات أي صوت يتحدث عن وجود تلوث بيئ أونهب للخيرات.
والغريب في الامرهو ان السلطة تعتبر أي اتهام لهذه الشركات موجها لها بالدرجة الاولى، فبدلا من ان تكلف فريقا متخصصا ومستقلا للتحقيق في موضوع اصبح من المسلمات لدى الخبراء وعاينه صحفيون مستقلون وبرلمانيون ينبري الوزراء و المسؤولون لتبرئة هذه الشركات وتفنيد كل الاتهامات الموجهة لها.
عوائق قضائية ومالية
انني كنت من القلائل الذين انبروا لتحريك دعوى قضائية امام المحاكم الموريتانية ضد شركة (MCM ) العاملة في مجال استخراج النحاس والذهب في مدينة اكجوجت لكن القضية رقم 14/07 التي تم رفعها سنة 2007 وصلت لطريق شبه مسدود بعد ان كلفت المحكمة ثلاثة خبراء للتحقيق في الامر على نفقة موكلي دون اشراك الطرف الاخر وهو امر غير مسبوق.
وقد ظهر الخبير الطبي مساندا للشركة ورفض إعداد أي شيء بينما قدم الخبير الفلاحي تقريرا اثبت فيه وجود تلوث في المنطقة وتهاون من الشركة في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من انتشار الأوبئة الناتجة عن السموم لكن تم تجاهل تقريره من طرف السلطات بعد نشره.
اما خبير المخلفات الصناعية فقال بأن هناك مخاطر لكن تحديدها بالأرقام يحتاج إلى تحليل عينات في مخابر دولية وليس هناك من هو على استعداد لتحمل هذه التكاليف فلا الشركة تكفلت بها ولا الدولة تهتم بالامر اما المواطنون البسطاء فلا حول لهم ولا قوة.
ثمن السكوت
يلاحظ بعض وجهاء مدينة اكجوجت بأن شركة MCM تفدم مبالغ مالية بطرق مختلفة للعديد من الوجهاء والسياسيين والناشطين في المدينة لتفادي اي انتقادات قد يوجهونها للشركة ولأنشطتها وهذا واضح من عدم طرح قضيتها ،كما إن شيخ المقاطعة يقف الى جانب الشركة ولا يقبل الحديث مطلقا في أي انتقادات توجه لها بخلاف نائب المقاطعة الذي يستحق التشجيع والتأييد .وقد وصل الأمر الى ان الشركة أصبحت تمول الحملات الانتخابية لبعض السياسيين في المدينة وقد تفرض انتخاب شخص من خارج الولاية كما هو الحال مع عمدة المدينة الحالي الذي لا يوجد له أي امتداد قبلي في الولاية وكانت وسيلة ناجعة لتكميم المواطنين بصورة رسمية.
ولم ينته الامر عند هذا الحد بل ان الأهالي يتهمون الشركة بالدفع لمؤسسات اعلامية ومواقع الكترونية في البلاد لتتجاهل الحديث عن التلوث الناتج عن استخدام مادة "اسيانير" السامة وقد بلغ الامر بهذه المؤسسات الاعلامية الى تجاهل المؤتمرات الصحفية والبيانات التي ينظمها وينشرها من ينتقد الشركة.
كذب رئيس الشركة
كذب رئيس الشركة فيليب باسكال على الشعب الموريتاني بعد مقابلته مع رئيس الوزراء في شهر يونيو الماضي عندما التزم أمام الصحافة بإحضار مكتب مستقل لدراسة المخاطر البيئية للشركة وخلال شهرين ستعلن الشركة يوما مفتوحا امام الجميع لشرح النتائج التي توصل اليها المكتب بتحديد ما اذا كانت هناك مخاطر قد تحمل الشركة مسؤولية، كما كذب على رئيس الجمهورية حين التزمت الشركة 2009 بان تعد مستشفى في المدينة وتعبيد 30 كلم سنويا من طريق نواكشوط اكجوجت واستبدال مياه بنشاب بمياه مالحة فبالنسبة للمستشفى تم تدشين دار المستشفى التي تم ترميمها الا انها خاوية وما زالت كذالك مغلقة أما الطريق فلم يعبد منها أي شيء سوى ترميم لبعضها اما المياه فالله حسبها لم نسمع عنها أي خبر يؤكد استبدال المياه الباردة بالمياه المالحة اما خطورة كذب رئيس الشركة فانها تكمن في الاتفاقية الموقعة بين موريتانيا والشركة والتي تم رفضها سنة 2008 من طرف البرلمان وتمريرها في الشهر الخامس من سنة 2009 ايام الجدل السياسي حول انتخابات الرئاسة والتي من بين موادها الخطيرة على مصالح البلد كون الشركة مصدقة فيما تقدم من ارقام مالية حول أرباحها ودخلها وغير ذالك من السجلات المالية ولا يحق للدولة الموريتانية ان تتحقق من صحة هذه الارقام المقدمة الا عن طريق تقديم طلب الى الخبير المالي المعتمد من طرف الشركة على ان تتم عن طريق الشركة نفسها اذ لا يمكنها ان تتصل بالخبير مباشرة مما يعني ان النسبة الموريتانية من استخراج الذهب والنحاس قد تكون بعيدة من الحقيقة ولو انها لا تتجاوز 3.5% او 4 مع التزام الدولة بتعويض الشركة عن ما تنفقه في حماية نفسها والخسائر التي يمكن ان تقع فيها بسبب القوانين الموريتانية الجديدة.
كفالة مفقودة
اثبت التقرير الذي اعده الخبير المكلف من طرف المحكمة والذي تم تجاهله من طرف السلطات اشار الى ان الشركة لا تمتلك أي مخطط بيئي او استراتيجية للتخفيف من الآثار المحتملة للنفايات التي تنتجها الشركة والاحواض المكشوفة والتي تتبخر بفعل الحرارة وتنتشر عبر الهواء والرياح كماأكده وزير البيئة في مداخلته الاخيرة أمام البرلمان واضاف انه طلب منهم وشركة تازيازت اعداد رخصة ISO14001
ومن الغريب تقديم هذا الطلب لان القانون الزمه بان يامر باغلاق الشركة واجراء تحقيق في الموضوع حتى يتم اعداد مخطط بيئي طبقا للمادة 14 من مدونة البيئة لانها تشكل خطرا على البيئة وبعبارة اخرى تشكل ارهابا بيئيا وقضاؤه على كل الكائنات الحية في المنطقة شيء مؤكد وفي حالة عدم فعله لهذا فانه يتحمل المسؤولية الجنائية كما يتقاسم معه المسؤولية وزير المعادن الذي يتعامل مع شركة تستعمل المواد السامة دون تقديمها مخططا بيئيا موقعا من وزير البيئة حسب المادة السابقة، لان دراسة مخاطرها على البيئة هي التي يتم من خلالها تحديد نوع التعامل مع هذه الشركة بما فيها الكفالة التي يجب على الشركة ان تقدمها لاعادة الارض الى سابق عهدها وقد ذكرت شركة MCMانها قدمت مبلغ 925000 دولار ككفالة لاعادة الارض الى الحالة التي كانت عليها قبل انشاء الشركة وهو و ان كان زهيدا جدا بالمقارنة مع المخاطر الناتجة عن عملها لكنه لم يعثر عليه لا لدى الوزارة ولا لدى أي جهة اخرى ويرجح ان يكون هذا المبلغ ان وجد فعلا قد ذهب الى جيوب بعض المسؤولين.
المخاطر الملاحظة:
وقد لوحظ انتشار الموت المفاجئ للصبية والشباب والشيوخ وقد قدمنا لائحة بذالك للمحكمة ومن بين من مات فجأة من قدم لي وكالة معربا عن تضرره كما اتصلت بي مجموعة من النسوة والأسر تعاني من الإجهاض وموت المواليد المبكر إضافة إلى أن للشلل نصيبه الأوفر كما ذكر لي طبيب له فترة من الزمن في الولاية أن أمراضا كثيرة ظهرت كالربو والصداع...الخ ولاحظ تجاهل وزارة الصحة للموضوع كما توجد حالات تسمم بسبب الروائح الكريهة التي تصدر من الشركة وحالات التسمم هذه أدت إلى نفوق عشرات رؤوس الماشية من الإبل بعد أن اقتربت من أحواض الشركة المليئة بالسموم.
ويصعب الحديث عن المخاطر في ظل غياب أي كشف صحي او دراسة مستقلة من طرف خبراء متخصصين في مجال التلوث لكن الأهالي يقولون أنهم رصدوا عشرات الحالات التي لا تترك مجالا للشك في وجود درجة كبيرة من التسمم من بينها كثرة الوفيات المفاجئة دون أية أمراض واضحة سواء في الحيوانات او في البشر الناتج عن مخلفات غازات سامة كاسيانير واكزانتاك اضافة الى غياب أي مستشفى متخصص والذي كانت الشركة قد وعدت بإنشائه لكنه لم يتم حتى الآن
يذكر ان مدير البيئية الأسبق المهندس الخليل ولد احمد خليفة كان قد فصل من إدارة البيئة 2008 بعد يومين تقديمه لدراسة مشهورة تؤكد تمالؤ الشركة والدولة على المواطنين ومصالح الشعب الموريتاني وكشفه أدلة دامغة على وجود تلوث وتلاعب لا حصر له تقوم به الشركة كما أن إعفاء الطبيب محمد ولد الشيخ وزير البيئة كان سببه كونه بدأ فعلا في إجراء دراسة مخاطر شركتي MCMو تازيازت على البيئة وكان ذلك أثناء حملة الرئاسة الأنتخابية .
دولة في دولة
لقد جعلت الأتفاقية الموقعة بين موريتانيا و شركة MCM لكل منهما سيادة مستقلة عن الأخرى إذ لا يمكن للدولة الموريتانية تفتيش أي شيء يحمل إسم شركة MCMمهما كان صادرات أو واردات كما يمكنها ان تسعتمل أي مكان للتخزين دون مقابل فكل مواد الأتفاقية تكرس الأستقلال التام للشركة على حساب سيادة القانون.
تكتم إعلامي
أبلغتني قناة الجزيرة وإذاعة فرنسا الدولية ووكالة رويتر أن الدولة منعتهم الترخيص لزيارة شركة MCMأو شركة تازيازت لتغطية الحدث وهذا هو أكبر دليل على وجود مشاكل وفضائح تتكتم الشركة و الدولة عليها.
المطلوب
إشعار رئيس الدولة والسلطات العليا بحقائق يؤسف لها ونطلب منهم القيام بما يلزم من أجل تطبيق القانون والأتفاقيات الموقعة مع شركة MCM مع الحفاظ على الأستثمار الأجنبي.