٢٠١١/٠٣/٢٣

إقالة وزيرة الخارجية


في  قرار مفاجئ مساء الثلاثاء، أقال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وزيرة خارجيته الناها بنت مكناس في تعديل وزاري محدود شمل حقائب الخارجية والدفاع والتعليم الأساسي، حيث تم تعيين حامد ولد حموني وزيرا منتدبا للتعليم الأساسي، وأحمد وولد محمد الراظي وزيرا للدفاع الوطني، وحمادي ولد حمادي وزيرا للخارجية خلفا للناها بنت مكناس التي تمت إقالتها دون أن يرد ذكر اسمها في القرار.
و اشهرتت منت مكناس، وحظيت بحضور واسع في الإعلام العربي لكونها أول امرأة تسند لها حقيبة الخارجية في بلد عربي.
خطفت أضواء الإعلام في مطار القاهرة عندما تفاجأ شرطي الجوازات لدى تسلمه جواز سفر دبلوماسي لمسافرة ملتحفة شابة يحمل عبارة "وزيرة الخارجية"، وهي تقف في صف المسافرين.
في ذلك اليوم، احتلت منت مكناس الصفحات الأولى في الاعلام العربي الذي أشاد بوقفتها تلك، فقد لامست الوزيرة الموريتانية - بتواضعها ذلك - شعورا قويا في نفوس الكتاب والإعلاميين، بما لقنته من درس في البساطة للدبلماسيين العرب.
كما لقيت أيضا لدى الكتاب و الشعراء في السودان، قبولا واسعا، ما غاب عنه تناغم الزي الموريتاني الأنيق "الملحفة" مع الزي السوداني، والمكانة التي يحظى بها الشناقطة عموما في قلوب السودانيين.
و تأتي إقالة منت مكناس بعد فترة وجيزة من استقالة نظيرتها الفرنسية ميشيل أليو ماري جراء الضغط الهائل الذي مارسته عليها المعارضة إثر موقفها المنحاز لبن علي وأسرته خلال الثورة التونسية، فقبل ساركوزي استقالتها دون تريث ليتخذ - في ما بعد - موقفا أكثر تشددا وصرامة ضد حكام مصر وليبيا واليمن. موقف وصل مع القذافي إلى حد الهجوم المسلح.
تأتي تنحية منت مكناس في ظرف دقيق، منذر بأزمة ديبلوماسية وشيكة مع فرنسا بسبب التعارض القوي بين الموقفين الموريتاني والفرنسي من الثورة الليبية.
ففرنسا هي التي تتزعم العمل العسكري ضد القذافي، في حين، تقود موريتانيا – ولو من حيث الشكل - جبهة الرفض الافريقية لذلك العمل العسكري واصفة اياه بـ " العمل العدواني" في بيان قمة نواكشوط المنعقدة بالتزامن مع قمة باريس المعلنة للحرب الذي ردت فيه فرنسا بالقصف المركز على ليبيا ومنع الرؤساء الأفارقة التوجه إليها مغلقة الباب بذلك أمام أي تسوية سلمية.
وكانت موريتانيا قد عبرت قبل ذلك، في أول بيان لها حول الوضع في ليبيا، عن موقف خجول وحذر حيال الثورة الليبية، ولم يتضح الموقف الموريتاني من الثورة إلا بعد أن نقل التلفزيون الليبي خبر تلقي القذافي مكالمة هاتفية يعبر فيها الرئيس الموريتاني مع رؤساء أفارقة آخرين عن دعمهم له. كما جرى الحديث في تلك الأثناء عن ضغوط، وتهديدات بنشر أسرار، مارسها القذافي وابنه سيف الإسلام على رؤساء أفارقة من بينهم عزيز، لثنيهم عن دعم الثورة في ليبيا و أن الأفارقة رضخوا لتلك الضغوط خلافا لساركوزي.
رغم أن حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الذي تترأسه بنت مكناس، وراثة عن أبيها حمدي ولد مكناس، لا يعد من أحزاب "البيعة" الداعمة للقذافي، إلا أنها تعتبر مهندسة العلاقة "الثمينة" التي تربط موريتانيا مع ليبيا، فقد ساهمت تلك العلاقة - بشكل فعال - في دعم ولد عبد العزيز بعيد الأزمة السياسية التي عقبت إطاحة الجيش بالرئيس المدني سيد محمد ولد الشيخ عبد الله المنتخب - بدعم من الجيش- في رئاسيات 2007.
وتبقى أسباب إقالة منت مكناس مجهولة، بقدرما يكتنف الغموض الموقف الموريتاني حيال الوضع في ليبيا، وبقدرما تتعارض المواقف الديبلوماسية لدى عزيز وساركوزي

ليست هناك تعليقات: