٢٠١١/٠٣/٢٣

نـــــــــــــــــواب الأغلبية: البلاد في نعيم.. ودوائرنا في جحيم!


يبدو أن نواب الأغلبية لم يقتنعوا بعد بأنهم يدافعون عن خيارات لا عن ممارسات منحرفة، ويبدو أنهم لم يستوعبوا بعد أهم مبادئ الديمقراطية الذي هو قبول مبدأ الفصل بين السلطات، إذ لم يقتنعوا بعد بأنهم سلطة تشريعية انتخبها الشعب لتمارس التشريع وتسائل السلطة التنفيذية لا لتحابيها وتتملق لها جهارا نهارا. والمفارقة الأخرى أنهم أي نواب الأغلبية رغم وفرة العدد وتركيز الإعلام الرسمي على طلعاتهم المتكررة لم يتوفروا بعد على خطاب سياسي إعلامي موجه للرأي العام، فعندما يأخذ أحدهم الكلمة مكرها مدفوعا بأمور لا يعلمها إلا الله يردد كل عبارات التبجيل لمعالي الوزير المساءل وينبري في الفقرة الموالية في استعراض إنجازات شاهدة لعهد رئيس الفقراء كتعبيد الشوارع وغرس الأشجار ومحاربة الفساد ومكافحة الإرهاب ويصورون البلاد بأنها ولدت من جديد وتشهد نهضة "لم يسبق لها مثيل".
وعند نهاية هذه المعزوفة يتنهد النائب ويبدأ الحديث عن دائرته ومدينته وكأنها على كوكب آخر فهي دائما لا تتوفر على ماء ولا دواء ولا كهرباء وتعيش واقع عزلة وتعاني ساكنتها من كل مشاكل التهميش التي يدعي النائب الموقر أن المقام لا يتسع لاستعراضها ويستدرك بأنه لم تنفذ أية مشاريع ولم تنجز أية وعود، ومنهم من يطالب بإدخالها في مثلث الفقر ويزيد بأن الفقر لم يعد مثلثا بل تحول إلى مربعات ومستطيلات وأشكال هندسية متغيرة أخرى.. إلخ
وكأن النائب الموقر ينسف مقدمة كلمته بخاتمتها وكأنه يعطي من حيث لا يدري مصداقية لخطاب المعارضة الذي تحول بقدرة قادر وبفعل ترهل خطاب الأغلبية المقابل إلى خطاب سائد يتلقفه الرأي العام وتتحول قبة البرلمان إلى منبر لتمرير خطاب المعارضة رغم قلة عددها، وتظل خطابة الموالاة بنوابها ووزرائها خطابة استعراضية للإفصاح عن آيات الولاء لزعيم يخيم شبحه ويسكن نفسهم هاجسه وكأنهم يحاولون بصورة سيزيفية وعبثية استغلال هذا المنبر لإيصال ولائهم المهزوز عبر وسائل الإعلام لرئيس لم يعد يكثر من استقبالهم وكثيرا ما يوبخهم على أدائهم المترهل وعلى طلباتهم الشخصية التي لا تخدم "المصلحة الوطنية".
فهل يعقل أن لا يتقدم مشرعونا الأفاضل ولو مرة واحدة باقتراح مشروع قانون؟ هل يعقل أن لا يدخلوا أية تعديلات على النصوص المقدمة إليهم حتى ولو كانت شكلية؟ هل يعقل أن يصوتوا على كل ما يقدم لهم؟ هل يعقل أن يقتصر نقاشهم لميزانية الدولة مثلا على اقتراح زيادات جزافية لاعتمادات بعض الإدارات والهيئات التي يديرها أقاربهم؟ ألا يخشون الرأي العام؟ ألا يخشون غضبة الشعب؟ ألا يخشون صناديق الاقتراع؟ ألا يخشون لعنة التاريخ؟

ليست هناك تعليقات: