هذه تكملة الصرخة الصامتة التي تشقّ دروب الصّمت المظلمة و تقطع قِفار التملّق والزيف المُقحلة.. هي صرخة عتبٍ من محبّ لحبيبه.. هي عَبَراتٌ شائكة في صدور كلّ من وهب عن اقتناع وإيمان صوته للرئيس محمد ولد عبدالعزيز.. كلّ من تحرّكت أحاسيسه وهو يشاهد من وراء الصّور ومقاطع الفيديو ذلك الرّجل يجوب شرق أرضِ شنقيط وغربها.. من صارع طرقها شمالا وجنوبا المعبّد منها والترابيّ.. بكل همةٍ وحماس قادما على تلك الوجوه المتلوِّنة بسمرة الصحراء القاسية.. هم وأنت سيدي الرئيس وقفتم حبا للوطن وحبّا لمن يحبّ الوطن غير آبهين بلفح شمسٍ حارقة.. أنكرتَ وأنكروا وأدَ موريتانيا لعقود.. اختطافها في غيابات النسيان والتناسي لسنين طويلة.. وموحشة.
سيدي الرئيس كل الدلائل تذكّرنا وإياك بالأمس القريب.. فرحتين أحسسنا بهما.. فرحة تصويتنا بنعم لمحمد ولد عبد العزيز.. وفرحة استجابة القدر لرغبتنا في ائتمانك على أرواحنا وإعراضنا وممتلكاتنا.. والأهم سيدي الرئيس.. على وطننا.. أغلى ما نملك..
سيدي الرئيس.. فرض الواقع والمشهد تساؤلات عدّة.. تخالج صدور الرّعية.. ولا تثق إلا في وليّ الأمر متجاوباً معها ومجيباً عليها..
هل هم من خاطبت حين خرجت تصدح أنّك لها ومن أجلها جئت.. أم نحنُ؟ هل لّهم تعهدت بموريتانيا الجديدة.. أم لنا؟ هل أصواتنا ذهبت في غرف الاقتراع لك.. أم لهم؟ هل أنت سيدي الرئيس بذلك القِصَر الذي ركبوا هم عليه بوارج التدمير والهتك والنهب؟ هل أنت سيدي تعي ما نحن وأنت مقدمون عليه إن هم استمرّوا يزحفون على ما بيننا وإياك من عهد؟ أنا هنا أتحدث أسوة عن نفسي وأنقل أصوات الكثيرين ولا أفتري على ’الجميع’ ممّن هم في اشد الانزعاج من ركوب الأقزام المستنفعة على ظهرِ 6 . 6 . 2009.. سيّدي الرئيس لن ننتظر إجابتك عن تلك الأسئلة.. نحن ننقلها عن لسان حالك وشخصك.. لا للأولى.. ولا للثانية.. ولا للثالثة.. وألفُ ألفِ لا للرابعة..
علت الأصوات أنّك ارتجاليّ.. وأنك مزاجيّ.. وأنك مستبدُّ أحاديّ.. بلغنا وبلغك ذلك.. فمن المسئول عن ذلك؟ أما آن لك أن تُسائِله قبل أن تُسائل؟
القضية واضحة.. الأنوف مزكومةُ والبطون جوعا والأمن.. الأمن بحاجةٍ إلى من يحرسه من تسلّق ذوي القربى..
اسرد لك التالي كغيض من فيض.. فلا سبيل للحصر.. فأنا أحتاج مداد البحر وجيشٍ ممن يتقنون سرّ الحرف وكمياتٍ معتبرة من الأقنعة تحسبا لما سيخرج علينا من روائح نتنةٍ منفّرة.. لكن في القليل بركة وأول الغيث قطرة.. وهذه موبقاتها العشرة .. حكومة الفشلة...
أولاً: ضعف استيعابها ومن ثمّ تعاطيها مع نوائب الدّهر ومتغيّرات الزمان الاقتصادية منها خصوصا.
ثانياً: الضبابية الشديدة في تعاطيها مع ملفات الفساد.. وكما لو أن المتفشية هي ’بعبعٌ’ يقضّ مضاجع من ليس معها من الرجال في ما هي بصدده من قرصنةٍ للبلد.. فقط.
ثالثاً: العجز والتخبّط في التعاطي مع ملفّات مزمنة الحساسية والحرج.. منها عدّا لا حصراً ملف العلاقات مع الجوار.. الملف الأمني.. وقضايا الرّق.. ذلك الملف الذي نسجّل حوله عدة علامات استفهام حيث أن إهماله يوحي بأنه لم يرد له بعد الوصول إلى تسوية نهائية هي جدّ ممكنة.
رابعاً: تسجيلنا لارتفاعات مطّردة ومهولة في أسعار ما يمسّ من حياة المواطن اليومية من موادّ غذائية أساسية.. ومحروقات.. حيث قرئنا في ذلك العجز والتراخي في ضبط الأمور وجعل أساسيّات الحياة اليومية خطاً أحمراً.
خامساً: لعبة الشطرنج ودجل قارئة الفنجان التي اتسمت بها تغييرات المواقع والإعفاءات في الحقائب الوزارية والتي تمّت باقتراحات مُرتجلة من رأس الحكومة.. لم نقرأ فيها حِكمةً بل استحضرنا أن العطار لا يصلح ما أفسده الدّهر قُبحاً.. وكأنّ الحكومة التي نالت الثقة لتقود البلد إلى مصافي التقدم والازدهار أمست مختبراُ للتّجارب العبثيّة.. فئران تجاربه من سمّتهم ’الأهواء’ لا الجدارة وزراءً.
سادساً: عندما استبشرنا خيرا بحركة التغيير وما تبعها من الصعود بشفافية واستحقاق للرئيس المنتخب.. وأنّ الموريتاني آن له أن يرفع رأسه اعتزازاً بانتمائه لهذا الوطن.. هاهي حكومتنا الرشيدة تُمرّغ هاماتنا في التّراب.. بحرفيّتها العالية واقتدار وخبرة رجالاتها في استجداء المحسنين وجيوب المجانين.. بل أصبحت وبكل وقاحة تسجّل في النّقاط الصحفية تبرّع فلانٍ و تكرّم آخر.. وكأننا ’صومال’ أخرى..لا نفط لدينا.. ولا حديد.. ولا ذهب.. ولا سمك.. ولا ولا ولا.. والأدهى من ذلك أن تلك الصّدقات النجسة ينتهي بها المطاف في... الله أعلم.. أنا عن نفسي لا أدري أين.. فهل تدرون أين؟.
سابعاً: التقسيم العادل للمناصب والتعيينات.. السياسية.. والمالية.. والتقنية.. لا بل والأمنية على الأقرب فالأقرب عملا وأسوة بنبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم حين أوصى أن الأقربون أولى بالمعروف، حتى أصبح معيار الكفاءة والأداء هما خير أريد به شرّ.. ومن ضروب العبث مجرد ذكر ذلك.
ثامنا: تحويل مبنى الوزارة الأولى إلى ثكنة عسكرية قذّافية.. حيث يعدّ ضربا من ضروب التعرّض بالنفس للتهلكة مجرد محاولة الإقتراب واستراق نظرات التساؤل بعفوية عما يدور بالداخل.. ناهيك.. عن محاولة تجاوز بوّابتها والبحث عن الحقوق بين أروقتها.. لكن.. لا يوجد مستحيل.. فهناك سماسرة مقربون.. كفيلون بإدخالك إن أنت أحسنت التصرّف وعرفَت يدك طريقها إلى جيبك.. عجباً.. كل ذلك لننال حقا من أبسط حقوقنا التي أوصىاهم وأكّد عليهم.. ووبّخهم رئيسنا ورئيسهم على تقريبها منك ومني ومنكم.
تاسعا: لم نتعجب كثيرا عندما شاهدنا لأوّل مرة في تاريخ موريتانيا الحديث والقديم ’تجمهراً’ للتجار المزودين للدولة أمام منزل صاحب المعالي رئيس الحكومة مطالبين بحقوقهم.. كان الله في عون الرجل ووزرائه فهم مشغولون لدرجة ’النزق’ في حصر قائمة بأصحاب الأيادي البيضاء من المحسنين شرقا وغربا..شمالا وجنوبا وأعاذنا الله من ’شمالاً’ وويلاته العابرة للصحاري. ونسجّل هنا تحفّظنا الشديد لإهمال الحكومة وتجاهلها غير المبرر لتصل الأمور وتؤول إلى هذه الصورة المخجلة.. فكيف لبلد ينادي عاليا في كل وقت وبجميع اللغات بترحيبه الحار برأس المال الأجنبي أن يعطي صورة هي للأسف في منتهى القتامة عن طريقة تعاطي الدولة الموريتانية مع حقوق المستثمرين؟.
عاشراً: ما خرج علينا وسُمّي عبثاً ’بالثورة’ لم تكن مواكبته والتعاطي معه إلاّ ضربا من ضروب قِصَر ذاتِ اليدِ من جانب الحكومة. حتى ’تندّر’ البعض بأن المواطن بلغ من السذاجة إن هو اقتنع بضرورة وحتمية التظاهر بأنّ يثنيه توزيع بعض السمك وذرّ بعض العبارات الطنّانة التي تفتقر حتى إلى الإقناع في آذان الأطفال سيثنيه عن ذلك التظاهر الذي كفلته دساتير الحياة ومواثيق البشر الموضوعة.. هل طمأنوك سيدي الرئيس؟ هل قالوا لك أن الأمر لا يعدوا صرير فئران وعبث أطفال و جنون بقر؟ كذبوا عليك إن هم أسروا لك بذلك.. غيّبوك سيّدي إن هم زوّروا حقيقة المشهد.. أجمع من عارضَك ومن أيّدك.. أنهم ’آل ثقتك’ هم رأس الداء وأنّ اجتثاثهم.. واجتثاثهم فقط هو أول جرعة من الدواء.
لنكن واقعيين، هذا ليس تجريحا في شخص.. أو هتكا لعرض.. أو قذفاً بلا بيّنة.. الأعراض مصونة والأشخاص مكفوف عنها.. هذا رأي.. وصرخة حقوق مسلوبة.. لكن وبكل موضوعية.. الفشل.. ثم الضعف.. والعجز.. كلّ ذلك تسبّب في ما آلت إليه الأمور.. إذاً.. ما ذا بعدُ عساكَ سيدي الرئيس تنتظر؟ إلى متي؟.. أما آن الوقت لطيّ هذه الصفحة القاتمة والغير مشرّفة والاتجاه وبشكلٍ عاجل ومدروس إلى تكليف من هي أكثر جدّية وخوفا على الصّالح العام؟ نقدّر لكِ أيتها الحكومة عاليا كل مالم تقومي به من أجل لنا.. لكن.. آن الرحيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق