بات ملفتا للمراقبين هذا الحراك المتصاعد في الأجهزة الحكومية الوطنية، حيث انبرت مختلف شرائح العمال في المؤسسات العمومية، تعبيرا منها عن الرفض للواقع الذي تعيشه، ومطالبة بحقوقها التي ترى أنها مهضومة من طرف المشرفين على هذه الهيئات الحكومية، والتي لم يسلم منها أي شيئ، فطالت الاحتجاجات على التسيير حتى قطاع الشؤون الإسلامية، فعبر الأئمة عن استيائهم من طريقة تعامل الوزارة الوصية مع وضعيتهم، وحتى المشرفين على برنامج التسول، عبروا بدورهم عن مطالبتهم بحقوق مهضومة، وتحرك المتقاعدون في المؤسسة العسكرية للمطالبة بحقوق هضمت، والعمال غير الرسميين في الجهاز الحكومي، خرجوا ولم يقبلوا بغير الوقوف أمام القصر الرئاسي، للتعبير عن احتجاجهم على عدم دمجهم في الوظيفة العمومية، ولم تسلم المشاريع ذات الصلة بالتمويلات الخارجية من الاحتجاج على ظروف العمال فيها، فخرج عمال الأمانة التنفيذية لمحاربة السيدا، مطالبين بحقوقهم. والأكثر غرابة هو أن هذا الحراك جاء في وقت متزامن، مع الاحتجاجات في طول البلاد وعرضها، تنديدا بارتفاع الأسعار ومطالبة بخفضها، بل وصل الأمر بالتلاميذ في لعيون للمطالبة بتوفير آلات ساحبة وتصوير في مؤسساتهم التعليمية، كجزء من هذا الحراك الرافض، وخرجت المظاهرات الاحتجاجية من فصاله شرقا إلى كيفة في وسط البلاد، واحتج الأساتذة في إنشيري على أوضاعهم في عاصمة الولاية، وخرج عمال شركات خصوصية في كيهيدي، مطالبين بالحقوق، ووئدت احتجاجات في كوبني بولاية الحوض الغربي بعد تلبية المطالب، قبل خروج الاحتجاجات إلى الشارع، وهو نفس ما قامت به السلطات الإدارية في ولاية لبراكنة بمقاطعة بابابي، فوفرت ما كان ناقصا، وعلى وشك أن يؤدي إلى حراك شعبي في المقاطعة، وعبرت النقابات العمالية عن احتجاجها على عدم فتح الحوار مع الشركاء الاجتماعيين وعدم قيام الدولة بمسؤولياتها اتجاه موظفيها، وجاء رجال الإعلام الرسمي، الذين طالموا قدموا صورة ناصعة عن واقع البلاد في الإذاعة والتلفزة والوكالة، معتبرين أن الأوضاع في أحسن حال، ليعبروا بدورهم عن استيائهم من هضم حقوق، كثيرا ما اعتبروا أن الحديث من طرف أصحابها، مجرد محاولة للمساس من أمن البلاد واستقراره، فوجدوا أنفسهم في نفس الوضعية، مهددين بالإضراب الشامل والتام، وفي نفس الوقت جاء الأطباء، ليتوقفوا عن العمل، تنديدا بتجاهل مطالبهم ومطالبة بحل المشاكل المستعصية، وخرج البحارة من عمق البحر، ليحتجوا على وزارتهم وينددون بازدواجية المعايير، التي تتعامل بها معهم. وعبرت الصحافة المستقلة عن استيائها من الطريقة التي تتعامل بها معها الوزارة الوصية. فهل يؤدي هذا الحراك إلى إقالة حكومة محمد لقظف، بعد الفشل في حل المشاكل المستعصية، والمتفاقمة في جميع قطاعات الدولة، والتي تهدد -بحق- أمن البلاد واستقرارها؟، والتي أوردنا جزءا قليلا منها آنفا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق