لا اذكر من هو الصديق الذي حدثني انه رافق فنانتنا الراحلة ديمي في المترو بباريس وهي تدندن طيلة المشوار بإحدى أغاني كوكب الشرق أم كلثوم ..وعندما توقفت عن الغناء بعد وقت طويل إذا بأحد ركاب المقصورة يناديها بانفعال وتأثر: "حرام عليك ..لقد تجاوزت محطتي بمراحل لكي استمع إلى هذا الصوت الملائكي الذي أعاد فنانتنا الكبيرة للحياة ". كان الراكب مصريا مقيما في فرنسا سحره صوت ديمي التي كانت في محاكاتها لام كلثوم تضيف نبرتها الصحراوية العذبة إلى صوت سيدة الغناء العربي الذي تحاكيه بكل اقتدار.
سألني عنها المرحوم الطيب صالح الروائي السوداني الأسطوري ,وقال لي "لقد استمعت إليها وهي بنت صغيرة في بداية مشوارها الفني ,فكانت من غرائب بلاد شنقيط .."(ذكر لي الصديق الأعز الأستاذ محمد محمود ولد ودادي ان شريط حفلتها للطيب صالح كان أول شريط سجلته الفنانة الراحلة).سمعت الملاحظة نفسها من المفكر السوري المعروف "برهان غليون" الذي اصطحبته في حفلة شخصية في نواكشوط غنت فيها المرحومة ,كما سمعتها من الفيلسوف والسفير المغربي "علي اومليل" الذي حرص خلال زيارته لجامعة نواكشوط إلى اقتناء كل ما وجد من أشرطتها في محلات بيع الشرائط الغنائية.
كانت ديمي رمزا من رموز ثقافة البلاد وحافظة أمينة لتراثه الموسيقي ...غنت للوطن في محنه ,واحتفلت بأفراحه ,وصدحت بقيمه المجتمعية النبيلة...قدمت الفن الموريتاني في صوره الناصعة الجميلة والأصيلة..
صدحت بمدح نبي الرحمة ,وغردت بقصائد كبار الشعراء الموريتانيين والعرب...كانت صديقة للجميع ومحبة للناس جميعهم ..
نقول لها اليوم بلسان الدعاء وبقلب الجزع وصبر المصاب :"رحمك الله برحمته الواسعة ..وانأ لله وانا اليه راجعون".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق