٢٠١١/٠٢/٢١

يا مرتزقة.. القذافي يحتاجكم في بنغازي وليس في نواكشوط


بقلم: أحمد يعقوب ولد سيدي، صحفي
أي ثمن هذا الذي يفقد الشخص آدميته، ويقتل فيه المشاعر الإنسانية والإحساس بآلام ومعاناة البشر؟ أي ثمن هذا الذي يجعل قلب الشخص أشد قسوة من الحجارة، بحيث يمكنه الولوغ ـ دون ما ضجر ـ في دماء أخيه الإنسان؟؟.
أي نوع من البشر هؤلاء؟ هل هم أصلا من ذرية آدم؟ ألا يخجلون؟ ألا تنفطر أكبادهم وهم يشاهدون الأبرياء يسامون سوء العذاب ويذبحون في الطرقات على يد حراس القذافي ومرتزقته في بني غازي والبيضاء ومصراطه والزاوية وغيرها..؟ أليس هذا منكرا يجب استنكاره من طرف الجميع؟ أية وقاحة تجعل هؤلاء يتظاهرون في نواكشوط تأييدا للقذافي في وقت يقدم فيه الليبيون أرواحهم في مشاهد بطولية نادرة من أجل إزاحة نظام جثم على صدورهم حوالي نصف قرن من الزمان؟ كيف يصف هؤلاء ثوار ليبيا الشجعان من أحفاد عمر المختار بالخونة والمرتزقة؟ أم أنه ينطبق عليهم المثل: "ما تعرفه في نفسك يدلك على الناس"؟، أليس لهؤلاء بقية أخلاق تمنعهم من التدخل في شؤون الغير؟.
ثم كيف تسمح السلطات الموريتانية لهؤلاء بالتظاهر تأييدا للقذافي، في وقت تقمع فيه سكان "فصالة" الذين انتفضوا بعد أن أصبحوا يفتقرون لكل شيء حتى شربة ماء، وتمنع في نفس الوقت مظاهرة لأنصار الحسن واتارا تزامنا مع قمة في نواكشوط تناقش أزمة بلادهم؟.
ألا تخاف سلطات نواكشوط أن تتهم بالتواطؤ مع هؤلاء والوقوف مع الديكتاتورية ضد مطالب الشعوب في الديمقراطية والحرية مما يزيد من احتقان الشارع ضدها؟ أم أنها متواطئة أصلا مع هؤلاء؟ ألم تسمح لهم ولغيرهم بتقديم آيات الولاء والبيعة لرئيس أجنبي وهم يمثلون أحزابا موريتانية؟ ألم تغض الطرف عن تصريحات مسؤول ليبي "رفيع" قبل أيام دعا فيها الموريتانيون إلى مقاطعة الانتخابات والقطيعة مع الديمقراطية التي أقرها الدستور الموريتاني؟ ألم يقم كبيرهم القذافي بإهانة رؤساء موريتانيا وبحضور بعضهم؟ ألم يسخر من الديمقراطية الموريتانية دون أن ينبس النظام الموريتاني ومسؤولوه ببنت شفة؟.
لقد أصابني اشمئزاز عندما سمعت من بعض وسائل الإعلام أن موريتانيين كانوا من ضمن المرتزقة الذين أجرهم النظام الليبي لقمع المتظاهرين في بنغازي، وحاولت أن لا أصدق الخبر، لكن لا مندوحة في ما يبدو عن تصديقه، فالعاصمة الموريتانية نواكشوط أصبحت اليوم هي المكان الوحيد الذي يمكن لأنصار القذافي أن يتظاهروا فيه، بعد أن باتت حتى الأرض الليبية محرمة عليهم، ربما باستثناء الشارع المجاور لقصر القذافي في طرابلس!!
إن الشعب الليبي ـ الذي يقدم الآن إحدى أروع الملاحم البطولية ـ لقمين بأن يحصل على الكرامة والحرية التي يقدم مهرها الآن من دمائه الغالية، وأن يغسل عنه عار الذل والمهانة والتخلف الذي وصمه البعض به خلال 40 عاما من العيش خارج الزمن
وإن الرسالة الحقيقة التي يبعث بها أحفاد المرابطين إلى إخوانهم من أحفاد عمر المختار هي أن اصبروا وصابروا ورابطوا.. فالنصر آت.. والعاقبة للمتقين.. أما مرتزقة القذافي فمثلهم كمثل الذين من قبلهم، وسيكنسهم التاريخ تماما كبلطجية مبارك وطرابلسية بن علي.

ليست هناك تعليقات: