٢٠١١/٠٢/٢٥

رسالة من حركة أطرد عزيز .... ما بعد ساعة الصفر


أيها الشباب الكريم،
ليس ما سأكتبه هنا خطابا و لا بيانا من لجنة مجهولة أو أشخاص يمتحنون شخصية المناضل و ينسبون أنفسهم لوطن ليس هنالك دليل على انتمائهم إليه سوى أنهم يتحدثون العربية و يناقشون قضاياه. و لكنه خطاب من لديه ألف دليل على أنه إبن موريتانيا ولا شيء سواها.
أيها الشباب الكريم،
مضت دقائق معدودة على ساعة الصفر التي تسبق لحظة الحسم، و بدأ العد العكسي لما يقال أنه مظاهرة حينا و يقال أحيانا أخرى أنه ثورة شعب و لكن ما يمكن التأكد منه هو شيء واحد كون هذا الحراك السلمي كما يحلوا للبعض بتسميته أو الاعتصام كما يرى البعض الآخر وصفه إنما هو صوت يأتي من الشارع و إن لم يكن متفقا كله على أن ينتسب إليه معترضا البعض على عدم المشاركة فيه لسبب قد يكون قناعة لها صلة بحب الوطن و قد يكون حمية تكاد توصف بأنها حمية الجاهلية لولا أن في الدم ما يسميه البعض بديمقراطية الاختلاف و يسميه البعض الآخر بحرية التعبير، و تبقى الغاية من وراء الحراك تنتظر إعادة نظر لعل الطرف المعارض لفكرة الخروج يجد ما يلهم به عقول الناس للتبصر من أجل فهم القصد من وراءه و لعل الطرف الداعي يحس بوجود من يعارضه فلا يبتعد به تصوره عن احتمال الفشل. فتبقى معادلة واقعية تنتظر الواقع ليثبت صدقها أو ينفيه.
أيها الشباب الكريم،
تنادت أصواتكم على ذلك النظام الذي يسمى بالإنترنت قرية كونية صغيرة لا تحرم المرء من وطنه الأم و لا تفرض عليه أن ينتمي لشيء آخر، خصوصا أنه لبس في ديمقراطية الإنترنت و سريته و حمايته للملكية الفكرية حيث أنه لا يمكن تحت أي ظرف سرقة مجهود مهما كانت ضآلته من صاحبه و نسبته لغيره مهما كانت جهود الازدراء و العبثية.
فما كان من فريقنا إلا أن يسكت عن الحق حبا في الوحدة و رغبة في أن يلتحق بالحق من هو أحق به من غير وقد رأينا في بيانات على مواقع ينسب بعضها لجهات نحن ننبذ التحدث بإسمها و قبائل نحن بمنأى عن مشاربها و مآربها تريد كلها أن تكون الثورة ثورتها و نحن نريدها لهم و لغيرهم كوطنيين أحرار لا كعبيد لما يضيق الخناق على حب الوطن لذي هو صفة من صفات المؤمنين الصادقين و إن كنا نغض الطرف عن من لا وجود لهم حتى و لو صاحوا بين الجبال لكن لا بأس بذاك فقلم التاريخ لا يخطئ و لا ينسى من بدأ و من لم يبدأ إلى أن حانت ساعة الصفر ما قبل جمعة الثورة.

و يحتم أن يجيب الكل نداء العلم راية ذلك الذي لم يسبق للشعب الموريتاني أن أحس بوجودها، فلا يحملها في قلوبهم كل صباح من أبناء الشعب إلا الجنود، حين يرفعونها ممجدين بذالك وطنهم و متحدين بنيانا مرصوصا لا قوة لأي مخرب على تفكيكه. و تبقى بقية الشعب الأخرى بمنأى عن أهمية تلك الراية و قيمتها في سبيل الوحدة، إلى أن تدق ساعة الصفر من الثامن و عشرين من شهر نوفمبر من كل سنة، حيث تذكر الأجيال التي يعول عليها في المستقبل أن لها راية تظلها و تحميها فتتبادر في أذهان الأصفياء معان كثيرة كالحرية و المساواة و حب الآخر و تبدأ تلك الشريحة بالتأسيس في مخيلتها لوطن بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. و لا تعلم بقية الشعب الباقية قيمة تلك الراية التي لم يعد لديهم وقت لحملها بالرغم من أنهم من دونها لا يكونون و لا يكون لانتمائهم للوطن. و تبقى تلك الاستجابة للدعوة تنتظر موافقة المرافق إليها و الداعي كي يحضر هو أولا و إن كان حاضرا في مكان اللقاء قبل أن تبدأ الدعوة بخمسين عاما.

أيها الشباب الكريم،
تتجلى الوطنية بأسمى آياتها في تلك القرية الإفتراضية التي لا تعترف برئيس و لا بحزب أو قبيلة أو فئة. فتبدأ بجذب إليها ساكنة الأرض ليعمروها و يعيشوا فيها بكل حرية، فلا مخابرات و لا إضطهاد و لا شرطة شغب و لا وزيرا يتلاعب بمشاعر مواطنيه متباهيا أمام من اختارهم الشعب ليمثلوه مخبرا إياهم بكل ثقة أنه يعلم بعدم نجاحهم مسبقا و لذلك يترك لهم العنان مؤكدا أنه لن يتم التعرض للثورة و كأنه يقول نحن قادرون و لكن لا نريد لنحس أنها لا نريد لإنعدام القدرة و ليس لعدم وجود الرغبة.
فما يكون من بد للوطن إلا أن يشير إشارته التي لا يراها سوى الأحرار من أبناءه البررة و تطمس عنها عيون من لم يدخل نور الوطنية بعد في قلوبهم فيكونون على الهامش لا هم إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء يبحثون في أروقة الطريق عن مخرج لضيق المكان و اكتظاظه بمن ملئت صدورهم وطنية و حبا للكرامة.
أيها الشباب الكريم،
و عتت رياح العروبة حاملة الحرية للشعوب بإذن ربها فخسفت بديار قيل عنها و توهمت مخطئة أنها خالدة في كون لم يكتب خالقه لغيره الخلود. (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك)، و يبدأ الاقتلاع من الجذور عنوة و لا تسمع إلا صيحات تهاوى الرؤوس من أعالي القمم و السقوط في هاوية أطلق عليها الإنسان التاريخ. تلك الرياح ما هي إلا روح الشباب المارقة عن طاعة الشياطين متنبهة لمخاطر الخمول و انتظار التغيير ممن يرجون البقاء الأبدي على كراسي مات صانعوها و حاملوها و منظفوها من الجوع و العطش.
تلك الرياح ما هي إلى شعب يهتف فردا فردا حتى الصامتون يهتفون صمتا صمتا حتى الذين نكس بهم من تحت العروش للضرب بالسياط يهتفون اضربي يا يدي العاصية فأنت لا تطيعين قلبي الذي لا يرضى لك عار حمل السياط على من أعطوك وطنا بأن كانوا له شعوب و أنجبتك أمهاتهم بنين في ليلة بدر عند زاوية خيمة قد بناها آباء لم يكن نهيهم إلا عن منكر و لا أمرهم إلا بمعروف.
تلك الرياح العاتية ليست إلا سيدة لها بنين يرقدون في كوخ من الصفيح و ينتظرون بيع الرغيف على حافة الطريق قرب المتجر ذي البضاعة المسلوبة من بيت المال، في ظلمة الليل الحالك تتهاوى على أعمدة خشبية رصت لتكون طريقا ضيقا حتى لا يولد أمل الحرية في نفس الصغار الجائعين.
تلك الرياح ليست إلا شيخا مطرودا إلى المعاش بلا معاش ينتظر الموت بلا أمل فحينئذ يتشتت الأبناء و تنتهي قصة ما قيل عنها أنها خلية لمجتمع لا يتعلم الدروس من النحل في قوة الإتحاد لأن المعاش أكلته مساطر إدارة دولة المواطن الغير وطنية.
أيها الشباب الكريم،
لم يبقى إلا القليل و قد كلفتكم تلك السدة و ذلك الشيخ و الصغار و الشباب باليسير إلى الكراسي و العروش و تدميرها بهتافات كأنها الصواعق يصعق بها كل طاغية و يسقط في صداها كل نظام مستبد. و إنه ليعز علينا فقدان شاب ليس من بد للحرية سوى فقدانه و هو لا يرضى الهوان و لا يرتشي برغيف العيش دون كرامة و كأنه يقول :
(
لا تسقني ماء الحياة بذلة بل اسقني بالعز كأس الحنظل).

إن الذي ينزلكم اليوم إلى الشارع ليست هستيريا المراهقين و لا غضب الحانقين و لا شماتة المعادين و لا حقد الحاقدين. لستم تنزلون إلا لأن الوطن ينادي و ما فيه شبر إلا أثكنته الجراح ممن كان أولى بهم حفظه من المكاره و منعه من الأعداء على مر ثلاثة عقود و مثلها من السنين.
أيها الشباب الكريم،
سيكتب إسم كل واحد منكم بسطور من ذهب إن كان لنداء الوطن و من أجله فد خرج و سوف يوصم بالعار من كان خارجا في سبيل هدف ضيق الأبعاد أو لأجل غاية شيطانية قد تملكت روحه فدنستها كتلك التي تجعل العادل ظالما و توحي للظالم بأنه أعدل من العدل جل جلاله، فيتهاوى ساقطا و ما على لسانه من قول سوى يا ويلي أنا من الهالكين لا لله و إنما للطاغوت و الشيطان اللعين.
و لا حول ولا قوة إلى بالله العلي العظيم.
و شكرا
إبن موريتانيا

ليست هناك تعليقات: